مقدمة في التأمل
التأمل هو عمليه الاتصال الواعية بالكون ، نحن نتأمل لاسباب عديده ،صحية و نفسيه و روحيه ،لكن المبدأ الرئيس واحد ،و هو الاحساس بالارتباط بشيء اكبر من ذواتنا و هو شبكه الطاقه الكونيه الهائله التي تضم كل المخلوقات .
في احيان كثيرة مجرد الاحساس بهذا الاتصال كفيل بتغيير الطريقه التي ننظر بها الي انفسنا و الي العالم .
هذا يسمي الادراك ، معرفة ان العالم اعظم بكثير مما تستطيع حواسنا الخمس استقباله و بالتالي معرفة اكثر عمقا بما يحيط بنا.
يتكون العالم من شبكه مترابطه ،معقده و حيه ،تشمل كل المخلوقات من الكواكب الي الفيروسات .
هذه الشبكه قادرة علي التأثير و التاثر بالكائن الفائق المسمي الانسان.
عرف الناس هذه الحقيقه منذ الازل ، عبر مشاهدات مثل الاحلام الصادقة و الحدس الصائب ،و لا تخلوا معتقدات شعب من هذه المعرفه ،عبر الحكم و الامثال و القصص.
علي المستوي الشخصي هذه الشبكه هي من ينقل لنا اخبار من نحب بالقلب حتي و ان كان في اخر العالم .
لم يخل معتقد عظيم من التأمل ،اليهوديه و المسيحيه و الاسلام و البوذيه و الشامانيه ،كلها تعاملت معه بوصفة اداة لمعرفة الانسان لنفسه و بالتالي معرفته بالكون و الخالق .
في الاسلام تميزت الصوفيه بوصفها طريقا تامليا جمع بين الشريعة و التأمل ،الكتاب و الحكمه ،و قد انقسم المتصوفة الي قسمين ،مؤمنون بان الشبكة من الوعي التي تجمع كل شيء هي مخلوق ،و قد سموا مذهبهم وحدة الشهود.
و منهم الحلاج .بينما امن قسم اخر بان الشبكه او قسم منها هي الخالق نفسه ،و سمي هذا المذهب بوحدة الوجود.و قد كان قطبه الاول الشيخ بن عربي .
التامل كما اي علم اخر ، يؤخذ بالممارسه و قد سميت الممارسة بالطريق .و هي ارتباط بين المعلم و التلميذ ،ينقل فيه المعلم خبرته الي تلميذه . نتج عن هذه الممارسه ما يعرف اليوم بالطرق الصوفيه .
كل الطرق الصوفيه تنهل من علوم ال بيت النبي و تنتسب الي تعاليم سيدنا علي بن ابي طالب التي نقلها شفاهة الي المحيطين به،باستثناء الطريقه النقشبنديه التي تنتمي الي التعاليم التي وضعها سيدنا ابوبكر الصديق .
و الاختلافات بين المدرستين قليله . و يمكن حصرها للمتدرب في طريقة الذكر ،حيث يكون سرا بالقلب عند النقشبندية و علنا عند غيرهم .في تاريخنا ،لعب التصوف الدور الاكبر في حمل لواء الحضارة في الاسلام .عندما اراد المماليك و العثمانيون و المغول المسلمون في الهند ،انشاء الدول و اقامة المجتمع علي اساس العدل و الرحمه اهتموا بنشر الزوايا الصوفيه ،لتعليم اكبر عدد ممكن من المواطنين طريقة الاتصال بالشبكه الام .في اكبر عملية تنوير واع علي الاطلاق . كانت النتيجه مجتمعات بالغة القوة روحيا ،صمدت لقرون عديده في مواجهة التحديات الروحيه و النفسيه .لم تنهر هذه المجتمعات الا بافول شمس التصوف في بدايات القرن العشرين و تحوله الي وراثيات يقل بها العلم و تكثر بها الخرافة .كما سنة الله في كل شيء.اعادة هذا العلم الي امتنا اليوم ،لا يمكن الا ان يكون باساليب عصرنا اليوم .الانترنت و التلفزيون و المجتمع الحديث قد يكون معاديا للتامل بصيغته القديمه. هذا لا يمنع من تكييف الممارسه للتوافق مع مستوي المعرفه العلميه الكبيرة للمجتمع الان و قلة الزمن المتاح . هذا ما تحاول هذه السلسله من التمارين القيام به .