الاكاشا 2 (الحكاية)
في منتصف التسعينات كنت طالبا عابثا ،مغرما بامور مختلفة مثل الفراسة و قراءة الكف و الابراج و الرمل و الكوتشينة ،و كنت بارعا . تعلمت الكثير من الكتب و البعض من قراء الطالع الذين كانوا منتشرين وقتها في قرب جامع المدينة العتيق. لم اكن وحيدا ،و كان يشاركني شغفي العديد من الزملاء و الاصدقاء .
في يوم ،جاء شاب لم اره من قبل ،اسمه محمود ،كما اذكر . و طلب مني الاصدقاء معرفة اشياء عن حياته ،كنت راغبا في استعمال الكوتشينة ، و لكن ،بينما كان يجلس مقابلي و بيننا كوب من البيبسي و مكعبات الثلج تسبح في السائل الاسود و الفقاقيع تتبخر عند السطح ،و الندي يتكاثف علي الجوانب ، استغرقت تماما في مراقبة الكوب ، لدرجة الانفصال عن العالم كله ،و جاءني شعور لذبذ بالخدر مثل ذلك الذي يسبق النوم .في تلك اللحظة جاءتني اغرب فكرة ،لماذا لا اكون انا (محمود) نفسه ،و فجاة بدأت شخصية محمود ،تتضح في ذهني ،و بدات الكلام ،كانني اتحدث عن نفسي . كل معلومات الشخص كانت تظهر ليس ككلمات و انما كصور او انطباعات ،في النهاية ،كان الزبون سعيدا جدا 😂😂😂 لدرجة انه سأل عن والدته و صحتها ، مباشرة اكتشفت انني استطيع ان اري بنفس الوضوح ،انطباعاته عن صحة والدته ،انا فهمت انني لم اكن اري والدته و انما (انطباعه هو) عن والدته .
الاكاشا 2
بعد هذة التجربة ،تخليت عن كل الادوات المختلفة باستثناء زجاجة البيبسي و كوب الثلج . مجرد النظر في الكوب و الدخول في حالة السكون و تخيل انني الشخص السائل .و الاجابة علي كل الاسئلة .
و برغم ان هذة الطريقة اثبتت نجاعتها ،لم اكن حتي ذلك الوقت قد سمعت بالاكاشا ، و لم تكن هناك فائدة من هذة المعلومات ،فهي مستقاة من دماغ الزبون نفسه .و هي تسليه جيدة جدا ،لكن عمليا ،الفائدة الوحيدة كانت في محاولتي التنبؤ باسئلة الامتحانات ، النتايج كانت دوما دقيقة جدا ، و عموما و لاني طالب جيد اصلا ،كنت امرر الاسئلة الي الزملاء متوسطي التحصيل ، ليستفيدوا .
ما حدث هو ان وزني ازداد بسبب العدد الكبير من زجاجات البيبسي التي كنت اشربها مجانا كل يوم ،بدون ذكر انني لم اعد محتاجا لشراء اي طعام من الكافتريا . كنت سعيدا و هذا الرضا اضاع مني سنوات طويلة في عتبة عالم السجلات ،متمتعا بالتسلية .
يتبع