هناك الكثير ليقال بخصوص عملية الوعي ، هناك (حسب علمي) ،اربعة مستويات ،الاول ،ماقبل الجسد ، هذا يعيش ضمنه الملايين من البشر في الشرق الاوسخ ، حيث لا يستطيع ساكن هذا النطاق ،فهم القيمة العاطفية او الجسدية للغير ،حيث يستلذ بقطع الرؤوس و يري السرقة حلالا ان لم يكشف ،و قس علي ذلك انواع الامراض النفسية التي تقابلك كل يوم ،هذا النوع عندما يتطور فانه ياتي بالمصائب بشكل افضل ،بدل ان يستعمل الساطور فانه يتعلم صنع القنابل ،و ينتشر هذا النوع في كل مكان تقريبا ،و في كل الطوائف الدينية.
النوع الثاني هو نوع وعي الجسد ،هذا غالبا شخص ،عاقل ،يعرف قيما مثل التعاطف و الشفقة و يهتم بالاخرين ،غالبا يكون علي قدر معقول من الانضباط الروحي ،و يختار دينا او توجها فكريا ،او ينخرط بفاعلية في ممارساته الدينية و الاجتماعية الموروثة ،هذا النوع ،يمكن ان نسميه المواطن الصالح ،عيبه الرئيس هو (ضيق) الافق ،فهو يحاجج و بقوة عن ما يعتقده صوابا و كثيرا ماينخرط في ممارسات اقصائية لمن ليسوا من مجموعته ،يمكنك تشبيهه بالمسلم او المسيحي الطيب ،الذي يتحري العدل تجاه الاخرين ،لكنه يعتقد انهم سيدخلون النار .
المرحلة الثالثة ،مرحلة النفس ، هي اول مراحل العرفان الفعلية ،حيث ان تراكم الوعي خلالها يسمح للشخص بالانفصال عن الارض-الجسد ، يدرك ان الكثير مما يبدو مختلفا ،هو نفس الشيء،يتعلم ان القوانين ليست باهمية الانسان و تبدأ اوهامه العرقيه و الدينية و الاجتماعية بالتساقط ، هؤلاء نادرون حقا ،في كثير من الاحيان تكون النبوة البدائية ،القدرة علي الفهم او معرفة الاشياء،مفعلة لديهم . هؤلاء يجب ان يواصلوا طقوسهم الدينية ،و ان يستمروا في مراكمة التجارب الروحية عبر التأمل و الحب او الصوم ، و بقدر تطورهم ،تزداد شراسة الحياة ضدهم ، فالارض ام رؤوم ،لكنها مثل اي ام ،لا ترغب في التخلي عن ابنائها . في هذه المرحلة ،يتوقف الانسان عادة ،ان بلغها في عمر مبكر نسبيا و يسعي للانعزال عن المجتمع ،بعض من يصلون لمرحلة النفس متأخرين يصلون دون قصد عن طريق الوعي المتراكم من التجارب .مثل العجوز الواعي الذي نلاقيه جميعا في مجتمعاتنا .في اصدقائي الخمسة الاف علي هذا الحساب هناك اقل من عشرة اعرفهم في هذا المستوي و ثلاثة او اربعة في نهاياته .
ان كنت من المحظوظين فعلا ،هناك مرحلة الروح ،حيث تستحيل الصور الي مكوناتها من الالوان الاساسية، لا يعود التقسيم الديني العام نفسه مهما ،و تقل حساسيتك تجاه المعتقدات ،ليس بسبب انك (كيوت) و انما لانك تنفذ خلالها ،فتري الضعف البشري و محاولة الانسان المتشبثة بالفهم محاولات ادراك المعني ،التي نسميها دينا او فلسفة
هذه المرحلة عدمية جدا ،ينحسر العالم تماما ،و لاشيء يستحق تقريبا و تظل موجودا ،ربما لتنقل معرفة الي من يحاول ان يرتقي او لأنك تنتظر شيئا لا تعرفه ،ما تتاكد منه ،هو ان (الوعي) بمعني الادراك العام ،قد تمكن في نفسك ،انت لا تحتاج ان تتخيل شيئا ،انت تعرف . هنا تدرك انه لاشيء تماما الا الله ،او سمه ماشئت .فالاسماء لا تهم حقا. هذا لا يأتي عبر قراءتك للكتب ابدا .الكتب لا تعلمك طعم الملح ،يجب ان تتذوقه .
هذه مراحل الوعي التي اعرفها ، لكن يجب ان يكون واضحا ان الوعي لا علاقة له لا بالمعرفة ،فالجامعي و الامي ،كلاهما يمكن ان يكونا علي نفس الدرجة ، و لا علاقة له بالسلوك ،فمن الممكن وجود اشخاص يرتكبون فظائع هائلة و هم ضمن نطاقات وعي مثل النفس او الروح ،الوعي هو سيرورة منفصلة عن التراكم المعرفي ،يمكن ان نشبهه بالوزن مثلا ،الذي لا علاقة له بعلمك او بتدينك ،لذلك ان كنت تعتقد انك يمكن ان تتلقن الوعي كتلميذ ،انت واهم جدا ،كل ما يستطيعه المعلم الخارجي الاشارة الي الطريق ،انت من يمشي .
المقال موجه لاصدقاء تجاوزوا الجسد ،في مرحلة النفس ، في مرحلة الروح ،لا اعرف احدا.