مدونة طارق هاشم

كلمة حية ،كلمة ميتة

عندما عاد بوذا من رحلته داخله ،لم يكن يرغب في أكثر من أن يخبر الجميع عن تلك المساحة التي لا تنتهي من النشوة داخل القلب ، لكن …
ما كان طريقا يسيره اي شخص منفردا ،صار معابدا و هيئات دينية معنية بحفظ (طريق المعلم) و هكذا ،استبدل نهج البوذا في معرفة النفس بتمثال في زاوية ،تتلى أمامه الصلوات، و حصلنا على الدين البوذي القويم.
كل دين ،ينزلق من تجربة داخل القلوب ،حيث أرض الحقيقة التي يراها كل شخص عيانا من زاويته ،ينزلق إلى نصوص و معابد ،صلوات تتلى برتابة و ايقونات ،و مجموعة من عجائز يحددون ما يجب أن يكون و ما لا يجب .
في سعيي ،أدركت
أن النص ،كلمات الله التي استحالت حروفا ميتة
لا يمكنها أن تحيط بتعقيد الإنسان، كلمة الله الحية
و في التجربة
لا يمكن لنظام معرفي البقاء إلي الأبد ،ان لم يكن مستعدا لإثراء نفسه عبر قبول معارف جديدة دون قيد ،إلا أصالة التجربة نفسها.
الدين أو الأخلاق هي محاولة لتجاوز التجربة ، تعميمها عبر وضع قوالب جاهزة ،مقاس يناسب الجميع ، متناسين أن حتى بوذا نفسه لم ير من الحقيقة الا زاويته ، و كلماته ، ماتت لحظة نطقت ،و لن تحيا الا بكلمة حية مخلوقة ،انسان يتفاعل مع الكلمة الميتة .
و هكذا …
في محاولة لإيقاف الزمن ،يجلس حراس الكلمات في معابد البخور ،عميان يقودون عميانا ،محافظين على نصوص متوارثة،ساعيين لخنق الكلمات الحية في جسد الميتة ، في الوقت الذي يجب أن تكون النصوص فيه ،مرشدا ،لا يغني عن تجربة كل إنسان الخاصة .
افتح أبواب تجربتك ،اعرف انك انت الكلمة الحية لخالقك و أن الهك لم يجعل نصا أعظم من حي . امش في طريقك و لا تخف ،و اقبل إرشاد النص لكن لا تجعله فوق تجربتك.

رابط الصورة

https://www.pexels.com/photo/buddha-buddhism-famous-history-507932/

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى