مدونة طارق هاشم

ماكرون و الاسلاموقوبيا

ماكرون و الاسلاموفوبيا

ماكرون و الاسلاموفوبيا

في بداية التسعينات ،مع بداية الوحدة الألمانية ،انتشرت موجة من الشعور القومي العنصري في الولايات الشرقية ،هذة الموجة كانت موجهة ضد الاجانب ،من أوروبا أو من خارجها ، مدن صغيرة مكدسة بالعاطلين، أضحت فجأة خطرة جدا بسبب عصابات النازيين الجدد، و بلغت الأحداث ذروة ،عندما أعلنت الهند انها لن تسمح لمواطنيها بالسفر لألمانيا على خلفية مقتل مهندس هندي في حادث عنصري اليوم الأول لوصوله ألمانيا .

هذا الحادث لم يكن الوحيد أو الأول، لكنه أجبر الدولة على التوقف عن سياسة غض الطرف المتبعة تجاه مجموعات النازيين الجدد. فكرة الدولة حتى ذلك الوقت كانت مزيجا من اللامبالاة و انتظار أن تختفي هذة الأحداث بنفسها ،عندما يحصل الشباب في شرق ألمانيا على وظائف .
و بالتالي يتوقفون عن إثارة المشاكل .

في وقت قصير نسبيا بعد ذلك الحادث ،اختفت عصابات النازيين الجدد، بمجرد عمل بوليسي كفء ،انخفض عدد الحوادث والجرائم ذات الطابع العنصري و أصبح بمقدور الاجانب السير في الشرق الألماني بدون الخوف من التعرض للايذاء .

اليوم و مع أحداث الشد و الجذب في فرنسا ،نحتاج أن نتوقف عن التفكير في ثنائيات العلمانية و الإسلامية، كلا الطرفين يتجاهل وقائع الأرض، ماكرون يسعى لتعزيز وضعه السياسي بتبني خطاب شعبوي يميني ،يخفف عنه الضغط الاقتصادي الذي يأتي من ناحية اليسار ،و في نفس الوقت، تبني قيم الجمهورية و المركزية الفرنسية، كان أسلوبا يساريا تقليديا لعقود طويلة. و هو هنا يجرد خصومه في اليسار من بعض أسلحتهم الفكرية .

ليس لدي ماكرون ما يخسره بالحديث عن فرض قيم فرنسا على المواطنين الملونين . و في الوقت الذي يزداد وجود رجال دين إسلاميين متشددين في فرنسا يجب أن لا ننسى أن هؤلاء كانوا أداة طيبة لفرنسا في دفع الكثير من مهاجري الجيلين الثاني و الثالث إلى محرقة الحرب في سوريا ،و ربما كان مجرد عمل بوليسي حاسم كافيا تماما لإيقاف كل هذة الفوضى و من سنوات . لكنه لم يأت ابدا .

هل لدى الجمهورية الفرنسية مشكلة مع التنوع الثقافي؟


نعم ،ببساطة و حتي التسعينات لم يكن بمقدور سكان بريتاني أو الباسك استخدام لغاتهم أو ثقافتهم في التعبير عن أنفسهم و هم فرنسيون موجودون هناك قبل ظهور فرنسا الدولة .حتى اليوم ،الحديث بلغة محلية في مكاتب الإدارة الفرنسية هو ضرب من التجديف بحق الدولة .

حكاية الاسلاموفوبيا لها شق آخر، يتمثل في رعاية غربية واضحة لانتشار نسخة عنيفة سلفية في إحياء أوروبا الخلفية .هناك أعمال صحفية توثق سعي سلطات السجون في بريطانيا مثلا للسماح لأئمة متطرفين ب (هداية) مساجين ،مسلمين و مسيحيين .

ان كان بمقدور ألمانيا القضاء على خطر النازيين الجدد في عدة أشهر، بالتأكيد لا تحتاج فرنسا زمنا اطول لتفكيك المؤسسات الإسلامية المتطرفة ،أن وجدت .

و الحديث عن قيم الجمهورية لا يمكنه إيقاف العنف على الأرض، ببساطة السرقة و النشل ضد قيم الجمهورية الفرنسية ،و مازال اللصوص موجودين و اي تفكير في إيقاف جريمة السرقة عبر خطاب ايدلوجي سيكون مدعاة للضحك.

هل العنف الايدلوجي في اوروبا و فرنسا اسلامي فقط؟.. المتابع للأخبار يظن أنه كذلك ، لكن بعض أعنف الهجمات كانت يمينية مثل مذبحة جزيرة اوتويا في أوسلو عام ٢٠١١ ، ناهيك عن التاريخ اليساري الطويل في استخدام العنف في ألمانيا و ايطاليا و اسبانيا و بريطانيا .

هل من المنطق تبني الدولة الفرنسية موجة الازدراء الثقافي لاقلية مثل الغجر أو الفرنسيين الكريول ؟
نعم ربما من حق اي شخص اهانة عادات الغجر و هذا يندرج تحت طائلة حرية التعبير، لكن هل من الحكمة أن تتبنى الدولة نفسها هذة الموجة ؟

ما اظنه ،أن هناك مشكل وجود أقليات في بلد لم يعتد على التنوع مثل فرنسا ، لكن تصرفات ماكرون لا تهدف لحل المشاكل بقدر ما تهدف لتعزيز شعبيته .

عندما ترى سياسيا ينحي باللوم على الثقافة أو العرق في قضية ،اعرف انه ببساطة ،لا يسعى للحل .

رابط الصورة

https://www.pexels.com/photo/grey-arc-de-triumph-224756/

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

انتقل إلى أعلى